الاثنين، 13 يوليو 2009

جيل سيتكرر


أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن

الخطاب رضي الله عنه وكان في

المجلس وهما يقودان رجلاً من

البادية فأوقفوه أمامه.

‏قال عمر: ما هذا؟

‏قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا قتل أبانا.

‏قال: أقتلت أباهم ؟

‏قال: نعم قتلته !

‏قال : كيف قتلتَه ؟

‏قال : دخل بجمله في أرضي ، فزجرته ، فلم ينزجر، فأرسلت عليه ‏حجر ، وقع على رأسه فمات...

‏قال عمر : القصاص ....

‏الإعدام.. لم يسأل عمر عن

أسرة هذا الرجل ، هل هو من قبيلة

شريفة ؟ هل هو من أسرة قوية ؟ ما مركزه في المجتمع ؟ كل هذا لا يهم عمر - رضي الله عنه - لأنه لايحابي ‏أحداً في دين الله ، ولايجامل أحدا ًعلى حساب شرع الله ،ولو كان ‏ابنه ‏القاتل ، لاقتص منه ..

‏قال الرجل : يا أميرالمؤمنين : أسألك بالذي قامت بهالسماوات والأرض ‏أن تتركني ليلة، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية ، فأُخبِرُهم ‏بأنك سوف تقتلني ، ثم أعود إليك ،والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا

قال عمر : من يكفلكأن تذهب إلى البادية ، ثم تعود إليَّ؟

فسكت الناس جميعا ً، إنهم لايعرفون اسمه ، ولا خيمته ، ولاداره ‏ولا قبيلته ولا منزله ،فكيف يكفلونه ، وهي كفالة ليست على عشرة دنانير، ولا على ‏أرض ،ولا على ناقة ، إنها كفالة على الرقبة أن تُقطع بالسيف ..

ومن يعترض على عمر في تطبيق شرعالله ؟
ومن يشفع عنده ؟
ومن ‏يمكن أن يُفكر في وساطة لديه؟
فسكت الصحابة ، وعمر مُتأثر ، لأنه وقع في حيرة ، هل يُقدم فيقتل هذا الرجل ، وأطفاله يموتون جوعاً هناك أو يتركه فيذهب بلا كفالة
فيضيع دم المقتول ، وسكت الناس
ونكّس عمر رأسه ، والتفت إلى الشابين :
أتعفوان عنه ؟
قالا : لا ، من قتل أبانا لا بدأن يُقتل يا أمير المؤمنين..

قال عمر : من يكفل هذا أيها الناس ؟!!


فقام أبو ذر الغفاريّ بشيبتهوزهده ، وصدقه ،وقال:
يا أمير المؤمنين ، أنا أكفله


قال عمر : هو قَتْل ، قال : ولو كان قاتلا!

قال: أتعرفه ؟

قال: ما أعرفه ، قال : كيف تكفله؟

قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين ،فعلمت أنه لا يكذب ، وسيأتي إن شاء‏الله

قال عمر : يا أبا ذرّ ، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أنيتاركك!

‏قال: الله المستعان يا أمير المؤمنين ...

فذهب الرجل ، وأعطاه عمر ثلاث ليال ٍ، يُهيئ فيها نفسه، ويُودع أطفاله وأهله ، وينظر في أمرهم بعده ،ثم يأتي ، ليقتص منه لأنه قتل..

وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر الموعد ، يَعُدّ الأيام عداً ،وفي العصر‏نادى ‏في المدينة :

الصلاة جامعة ، فجاء الشابان ،واجتمع الناس ، وأتى أبو ‏ذر وجلس أمام عمر ، قال عمر: أينالرجل ؟ قال : ما أدري يا أمير

المؤمنين!

وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس ،وكأنها تمر سريعة على غير عادتها ، وسكت‏الصحابة واجمين ،عليهم من التأثر مالا يعلمه إلا الله.

‏صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد لكن هذه شريعة ، لكن هذا منهج ،لكن هذه أحكام ربانية ، لا يلعب بها ‏اللاعبون ‏ولا تدخل في الأدراج لتُناقش صلاحيتها ، ولا تنفذ في ظروف دون ظروف ‏وعلى أناس دون أناس ، وفي مكان دون مكان...

وقبل الغروب بلحظات ، وإذا بالرجل يأتي ، فكبّر عمر ،وكبّر المسلمون‏معه


فقال عمر : أيها الرجل أما إنك لو بقيت في باديتك ، ما شعرنا بك ‏وما عرفنا مكانك !!


قال: يا أمير المؤمنين ، والله ما عليَّ منك ولكن عليَّ من الذي يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا يا أمير المؤمنين ، تركت أطفالي كفراخ‏ الطير لا ماء ولا شجر في البادية ،وجئتُ لأُقتل..

وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس

فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا ضمنته؟؟؟

فقال أبو ذر :خشيت أن يقال لقد ذهب الخير منالناس

‏فوقف عمر وقال للشابين : ماذا تريان؟

‏قالا وهما يبكيان : عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه..

وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس !

‏قال عمر : الله أكبر ، ودموعه تسيل على لحيته .....



‏جزاكما الله خيراً أيها الشابان على عفوكما

وجزاك الله خيراً يا أبا ‏ذرّ يوم فرّجت عن هذا الرجل كربته

وجزاك الله خيراً أيها الرجل لصدقك ووفائك ...

‏وجزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين لعدلك و رحمتك....

‏قال أحد المحدثين :

والذي نفسي بيده ، لقد دُفِنت

سعادة الإيمان ‏والإسلام

في أكفان عمر!!.

وصلتني هذه القصة على بريدي الإلكتروني...
عندما قرأتها أحسست حقا كم نحن مساكين... مساكين لأننا نحتاج لحاكم مثل هذا..وحاكمنا يحتاج لشعب مثل هذا... فهم حلقة أكملت نفسها بنفسها...
الأول: جاء ليقتل..لأنه خشي أن يقال ذهب العهد من الناس...
الثاني: قبل أن يحل محل القاتل ويأخذ عقابه إن لم يأتي خوفا من أن يقال ذهب الخير من الناس...
والثالث:عفوا عن قاتل أبيهم خشية أن يقال ذهب العفو عن الناس...
فلنسأل أنفسنا هل مازالنا نحفظ العهد،فهم أتبعوا قول الله تعالى
: «بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ> [آل عمران: 76] ... وهل مازال فينا الخير ...وهل نحن ممن يقول الله تعالى فيه"«والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين> آل عمران
هذه الرسالة وصلتني بعنوان "جيل لن يتكرر"..ولكن في رأيي أنه سيتكرر،سيتكرر طالما كتاب الله موجود،فهو كان نورهم الذي يسيرون عليه، ويتبعون،وسيتكرر طالما هذا الدين الحنيف بكل أركانه موجود،فهم تربوا على يد سنة رسول الله واتبعوا كتاب الله فلو أردنا ان نصبح مثلهم،لو أردنا ان نعيد هذه السيرة التي نفتخر بها في كل مجلس ونتباهى بأن أجدانا هم من قاموا بذلك،فلنتبع كتابنا،وسنة نبينا،فلنكن كما يجب لنا أن نكون..


أعتذر عن الرد على أي تعليق الفترة القادمة نظرا لظروف سفري ،ودعواتكم جميعا...



هناك 5 تعليقات:

  1. اللهم أجعل منا عمر وأبا ذر وعلى وأصلحنا يا ربنا
    موضوع جميل جزاكم الله خيرا

    ردحذف
  2. السلام عليكم

    أخيتي دودي

    جيل مضى وانتهى أجله ، هل سيتكرر.؟!

    بالفعل سيتكرر وبالتأكيد سيتكرر اذا ما تمسكنا بكتاب ربنا ونهج نبينا
    اذا اردنا ان يتكرر ذلك الجيل بالتأكيد سيتكرر

    موضوع جميل ، وقصة رائعة تحمل الكثير من العبر والعظات

    أسأل الله لك دوام الصحة والعافية
    وربنا يرجعك بالسلامة
    دمت بخير

    ردحذف
  3. السلام عليكم
    كيف حالك
    اعتذر عن التاخير
    ان شاء الله سوف يتكرر هذا الجيل
    لانها دعوة واحدة
    نسير بهاعلى طول الزمان
    فلها رجالها
    فى كل وقت
    وان شاء الله قريبا جدا
    يتكرر ذلك الجيل

    ردحذف
  4. جيل مضى وياليته يعود
    أين نجمد هذه الأخلاق عند جميع الأطراف بيننا الان؟؟
    نسأل الله أن يعيننا ويرزقنا الثبات والحرص على الإسلام
    اللهم آمين
    افتقدتك أين أنت أختي ؟؟

    ردحذف
  5. السلام عليكم عذرا إني أتأخرت في الرد وجزاكم الله خيرا على دخولكم وتعليقاتكم...

    آمين يابشمهندس sabba7

    أخي بحر الإبداع جزاك الله ألف خير على رأيك وأتمنى لك كل الخير بإذن الله

    أختي saheda والله أنا بخير والحمدلله وإن شاء الله نرى هذا الجيل قريبا...

    جذور الأمل..أدعو الله أن يستجيب دعائك ،ونجد هذه الأخلاق وأنا والله أفتقدتك أسأل الله أن يجمعنا في الدنيا وفي الآخرة تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله

    ردحذف

قال تعالى (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))

لنحيا بالقرآن..

TvQuran